يشهد العالم في الوقت الراهن تغيرًا غير مسبوق في قطاع الطاقة مدفوعًا بمزيج من الابتكارات التكنولوجية، وديناميكيات العرض والطلب الجديدة التي تؤثر على سلوك الاستهلاك وأطر صنع السياسات؛ وبالتالي فنحن اليوم على مفترق طرق حقيقي يدفعنا لقيادة قطاع الطاقة نحو البدائل النظيفة والمتجددة، نظراً لكونها المنهج الأكثر موثوقية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة المعتمدة من قبل الأمم المتحدة، ومخرجات اتفاق باريس للمناخ 2015، وهي ما تأخذه أبوظبي ودولة الإمارات على محمل الجد في كافة برامجها واستراتيجيتها المرتبطة بقطاع الطاقة.
وتشكل استضافة أبوظبي لمؤتمر الطاقة العالمي بنسخته الرابعة والعشرين إضافة نوعية لمسيرة الإمارة وتأكيداً لمكانتها المميزة كإحدى أبرز العواصم العالمية للطاقة. هذا الحدث الذي يستقطب أبرز صانعي القرار والسياسات من وزراء ورؤساء شركات ومستثمرين وباحثين متخصصين في مجالات قطاع الطاقة، والذي ينظم تحت شعار "طاقة من أجل الازدهار"؛ يشكل دفعةً قويةً لنا في دائرة الطاقة لمواصلة مسيرتنا في إدارة توجهات أبوظبي لتحقيق التحوّل نحو عصر جديد للطاقة مبني على أسس الكفاءة والاستدامة والمسؤولية البيئية.
تتيح لنا هذه الفعالية العالمية استعراض المستجدات التي شهدها قطاع الطاقة المحلي على اختلاف محاوره، ابتداءً من عملية إعادة الهيكلة في عام 2018 والتي تميزت بالفصل بين الدور التنظيمي والتشريعي وبين الدور التشغيلي للقطاع مع تحفيز عملية التحول الفعال لقطاع الطاقة وتفعيل مشاركة القطاع الخاص في سوق الطاقة المحلية، وصولاً إلى إعلاننا هذا الأسبوع عن استراتيجية أبوظبي لإدارة جانب الطلب وكفاءة الطاقة 2030 والتي تعد أحد أبرز الإنجازات التي انبثقت عن جهد مشترك بين مجموعة من الجهات المحلية بهدف تخفيض استهلاك الكهرباء بنسبة 22% والمياه بنسبة 32% بحلول العام 2030 استناداً إلى خط الأساس لعام 2013.
وحيث يشهد العالم طلباً متزايداً على منتجات الطاقة وتقنياتها، فقد قمنا بتطوير نموذج أبوظبي المتكامل للطاقة، أو "مكعب الطاقة"، وزودناه بأدوات تقنية متقدمة تمكننا من اختبار وتوقع نتائج السياسيات المعتمدة على قطاع الطاقة وعلى الاقتصاد ككل؛ بحيث يكون النموذج قادراً على تقديم تصورات مستقبلية لواقع القطاع في أبوظبي على امتداد 10 إلى 30 عاما قادمة.
وفيما نواصل تطوير البنية التحتية لقطاع الطاقة في أبوظبي، سنتشرف باطلاع المشاركين وزوار المؤتمر على طائفة من مشاريعنا ومبادراتنا الرائدة في هذا المجال، مثل إطلاقنا لمحطة براكة للطاقة النووية، ومحطة نور أبوظبي للطاقة الكهروضوئية، ومحطة الطويلة لتحلية المياه بتقنية التناضح العكسي، وإنشاء شركة مصدر للطاقة النظيفة وغيرها من المشاريع التي تعد من الأفضل على مستوى العالم.
يسعدنا أن نرحب مجدداً بانعقاد النسخة الرابعة والعشرين لمؤتمر الطاقة العالمي في أبوظبي ونتطلع قدما للعمل مع كافة المشاركين لنجعل من هذا الحدث نقطة دافعة لمستقبل التحول في قطاع الطاقة العالمي.